مبادرة المصرى اليوم لمنع التلاسن الطائفى ورفض تجريح العقائد لابد أن نقف وراءها جميعاً لأنها ليست رفاهية ولا ديكوراً، وإنما حياة شعب ومصير أمة، وخط فاصل ما بين وطن متحضر ووطن محتضر!، الأول يعيش فيه مواطنون يتعاملون بالقانون، والثانى وطن قبلى يعيش فيه رعية يتعاملون بالغريزة، ولكننا لا نريد أن نصادر كعادتنا التجديد فى الفكر الدينى تحت دعوى عدم الخوض فى العقائد، وطريقة فرد مظلة المصطلح المحدد مثل مصطلح العقيدة على كل ما يخصه ولا يخصه هو مرض مصرى قديم، فمثلاً توسيع دائرة مصطلح الحفاظ على سمعة مصر استغل أسوأ استغلال لكبت أى رأى أو فيلم أو مسرحية أو حتى لقطة فيديو كليب تنتقد الأحوال الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية المصرية، فصار عرض أو تناول أى مشكلة حتى ولو كانت انفجار ماسورة صرف صحى هى تلويث لسمعة مصر!،

وأيضاً استغل مصطلح الحفاظ على الرموز فتوسع ليشمل أى نقد أو حتى عتاب لمسؤول مصرى حتى ولو كان رئيساً لمجلس محلى باعتباره رمزاً لمصر، وكذلك توسع مصطلح المعلوم من الدين بالضرورة ليفرد مظلته على كل فكرة خطرت على عقل فقيه من ألف سنة حتى ولو كانت خارج نطاق العقل والمنطق، يكفى أنها قديمة ويكفى أنها قيلت من فقيه لتصبح خطاً أحمر، وعلى العكس اختزل مصطلح الدين الإسلامى وضاق ليصبح أى انتقاد لشيخ انتقاداً للدين الإسلامى، وتصبح مناقشة أى فقيه هى إهانة للدين الإسلامى، وأيضاً اختزل الدين المسيحى فى شخص البابا وتحولت آراء القساوسة والكهنة إلى مقدسات لا تمس ولا تناقش، وصارت مطالبة المسيحى بالتفكير المرن فى أسباب الطلاق أو تطبيق منهج التفكير العلمى فى مسألة ظهور العذراء تجديفاً وكفراً وخروجاً على العقيدة، وتاه مصطلح العقيدة بين التهويل لدرجة أن تشمل العقيدة كل التصرفات واللفتات والهمسات، وبين التهوين بأن يتلاسن الطرفان فى مسائل التوحيد والتثليث والصلب وتحريف الكتب المقدسة.. إلى آخر هذه المسائل التى مكانها كليات اللاهوت ومدرجات قسم الفلسفة الإسلامية فقط.

تجديد الفكر الدينى قضية فى غاية الأهمية، وتجميد الفكر الدينى خطره هو نفس خطر التلاسن الطائفى، لأن فى الفكر الدينى المتجمد المتزمت بذور الشقاق والخلاف والصراع، وهناك نصوص دينية تفسر خطأ لصالح نفى فئة أو احتقار طائفة، لابد من التجديد والتحليل وإعمال العقل وتقديم تفسيرات جديدة تخضع لتطور الزمن، هذا لا يعنى إطلاقاً أننا ننادى بإلغاء النصوص كما يفهم المتربصون الذين يعملون بمبدأ «لا تقربوا الصلاة»، وبشعار استغلال الاجتزاء ليتحول لاجتراء، فيتم اغتيال الكاتب معنوياً وتكفيره وتجريسه بقص كلامه وتبديله وتحويره واتهامه بأنه يهاجم العقائد.

السؤال: هل الاجتهاد فى مفهوم فوائد البنوك وتخليصها من تهمة الربا اجتراء على العقيدة؟، هل المطالبة بإعمال العقل فى متن الأحاديث التى تخالف العلم والمنطق وآيات القرآن هى إهدار للعقيدة؟!، هل انتقاد آراء الشيخ الشعراوى فى نقل الأعضاء أو صلاته شكراً لله بعد هزيمة ٦٧ انتقاد للعقيدة؟، هل تصحيح مفهوم العقاب الإلهى لضحايا تسونامى والذى تبناه زغلول النجار لعب بالعقيدة؟!، هل وألف هل لابد أن تطرح وبقوة حتى لا يختلط الحابل بالنابل، ويستغل البعض من كذابى الزفة الظروف الصعبة والاحتقان الطائفى لكبت أى رأى وخنق أى فكر يطالب بتجديد الفكر الدينى، وتأميم واحتكار العقل لصالح من يرتدى الزى الدينى فقط.

التلاسن الطائفى جريمة أما الاجتهاد الدينى فهو الحل لوقف هذه الجريمة.